مشروعية وأهمية إدماج المقاتلين الأجانب في وزارة الدفاع السورية

الكاتب: اتحاد سوريا العهد الجديد تاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق


أ. علاء الباشا يكتب: في ظل التطورات العسكرية والسياسية المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية، تبرز خطوة ضم القوات الأجنبية المتحالفة إلى وزارة الدفاع السورية كتحرك ضروري واستراتيجي، لا يمثّل فقط استجابة واقعية لحقائق الميدان، بل يُجسد أيضًا تكريمًا لمن قدم التضحيات الجسام في سبيل سيادة سوريا ووحدة أراضيها.

فقد أثبتت هذه القوات، التي قاتلت لسنوات جنبًا إلى جنب مع الشعب السوري، أنها كانت عنصرًا فاعلًا في صد الهجمات الأسدية وتحرير مساحات واسعة من البلاد من سيطرة ميليشيات إيران وأتباعها. وبالتأكيد لم تكن مشاركتهم مجرد دعم تكتيكي، بل اندماجًا فعليًا في معركة المصير السوري، وقد قدموا الدماء وتحمّلوا الأعباء جنبًا إلى جنب مع إخوتهم من القوات الحرة.

واليوم، فإن الحديث عن إدماجهم ضمن المؤسسة العسكرية السورية لا يُفترض أن يُفهم كتنازل سياسي، بل كخطوة وطنية تعكس شجاعة الدولة في الاعتراف بالولاء الحقيقي، وتعزيز وحدة القرار العسكري، وإعادة هيكلة القوى المسلحة تحت راية الدولة، بعيدًا عن التشرذم والانقسامات.

أولًا: الإطار القانوني والدستوري

إذا كنا نحتاج إلى صيغة قانونية في الدستور المُعطل فهذا القرار يستند إلى نصوص دستورية وقانونية واضحة. فالمادة 6 من الدستور السوري لعام 2012 تنص على أن "الجنسية السورية ينظمها القانون"، ويُحيل ذلك إلى قانون الجنسية رقم 276 لعام 1969، الذي يجيز في المادة 4 منح الجنسية بمرسوم بناء على اقتراح وزير الداخلية، إذا توفرت شروط أبرزها:

- الإقامة المتواصلة لخمس سنوات،

- الاندماج في المجتمع السوري،

- حسن السيرة والسلوك.

هؤلاء المقاتلون استوفوا — بل وتجاوزوا — هذه المعايير، إذ أمضوا سنوات في سوريا، قاتلوا دفاعًا عن الشعب المستضعف، وارتبطوا اجتماعيًا في عدة مناطق، وبعضهم تزوّج سوريات وأنجب أبناءً نشأوا في بيئة سورية خالصة.

ثانيًا: الحق في الخدمة العسكرية

الدستور السوري لا يُميّز بين المواطنين، حيث تنص المادة 33 على أن "المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات". وبالتالي، فإن من يُمنح الجنسية السورية قانونًا يكتسب كامل حقوق المواطنة، بما في ذلك الحق في الخدمة ضمن صفوف القوات المسلحة، شريطة توفر المؤهلات والسجل النظيف.

ومن المؤكد أن من حمل السلاح إلى جانب السوريين، ووقف بوجه الآلة الحربية للأسد وأسياده، يملك سيرة قتال مشرفة تؤهله للانضمام الرسمي ضمن المؤسسة العسكرية، لا سيما أن إدماجه يعزز الانضباط، ويوحّد حيازة السلاح تحت راية الدولة.

ثالثًا: مقاربة مقارنة مع تجنيسات مشبوهة

ما يُعزز عدالة هذا التوجه أن عصابة أسد ، في مراحل سابقة، قامت بتجنيس عناصر من ميليشيات مرتبطة بإيران و"حزب الله"، شاركوا في معارك ارتبطت بانتهاكات وقتل ضد المدنيين، لا سيما في مناطق مثل الغوطة، القصير، ومحيط حلب.

هؤلاء لم يكن ولاؤهم لسوريا بالضرورة، بل تحركوا وفق أجندات خارجية، ورغم ذلك نالوا جوازات سفر سورية ومواقع في البُنية الأمنية.

في المقابل، فإن المقاتلين الذين صدر القرار بضمهم، خاضوا معارك ضد أعداء السوريين، أليس من حقهم، بل من واجب الدولة، أن تمنحهم ما يستحقون؟ أليس ذلك أوفى لمفهوم السيادة وأقرب إلى العدالة؟

رابعًا: البعد الشعبي والوطني

المجتمع السوري، بتاريخه الطويل من التعددية والانفتاح، لم يكن يومًا منغلقًا أو عنصريًا. معيار الانتماء فيه هو العمل والتضحية، لا الأصل أو العرق.

وقد أثبتت الأزمات أن الشعب السوري يلتف حول من يُثبت إخلاصه عبر الفعل، لا الشعارات. ومن هنا، فإن قبول هؤلاء في الجيش الوطني هو خطوة تُكرّس الروح السورية الجامعة، وتعزز مشروع دولة المواطنة والمؤسسات.

خامسًا: السيادة والاستقرار

إن دمج هذه القوات ليس تهديدًا للسيادة، بل تأكيد فعلي عليها، لأنه:

ينقل القوى غير النظامية إلى داخل المؤسسة الرسمية،

يوقف التوظيف الخارجي المحتمل لأي تنظيم مسلح خارج إطار الدولة،

ويكرّس دور الجيش كمؤسسة موحّدة تمثل كل من دافع عن الوطن بصدق.


في الختام نقول; إن ضم المقاتلين الأجانب إلى وزارة الدفاع السورية خطوة قانونية، أخلاقية، ووطنية. وهو قرار يكرّس السيادة، ويوحّد القوى الوطنية، ويمنح الدولة ذراعًا عسكرية موحدة ومخلصة في مواجهة كل الضغوط والشكوك، فليكن القانون مرجعنا، والوفاء منطلقنا، والسيادة بوصلتنا.

فهذا هو الطريق الصحيح نحو بناء جيش وطني قوي، لا ينكر التضحيات، ولا يتجاهل من ساند سوريا في أصعب مراحلها.



التصنيفات

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

8301667542222144432

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث